رأى عمر بن عبد العزيز رحمه الله
قومًا في جنازة قد هربوا من الشمس إلى الظل، وتوقوا الغبار، فأبكاه حال الإنسان يألف النعيم والبهجة، حتى إذا وُسِّد قبره فارقهما إلى التراب والوحشة، وأنشد:
من كان حين تُصيبُ الشمسُ جبهته أو الغبارُ يخافُ الشَيـنَ والشَعثـا
ويألف الظـــلَّ كي تبقى بشاشته فسوفَ يسكنُ يومـًا راغمًا جدثًا
في ظــــل مقفرةٍ غبراءَ مظلمةٍ يُطيلُ تحت الثرى في غمها اللبثـا
تجهـزي بجهــاز تبلغيـن بــه يا نفس قبل الردى لم تخلقي عبثـا
لئن كنا نتقي الحرَّ بأجهزة التكييف والماء البارد والسفر إلى المصائف،
وكل هذه نعمٌ تستوجب الشكر،
فهل تأملنا وتفكرنا كيف نتقي حرَّ جهنم؟
كيف ندفع لفحها وسمومها عن أجسادنا الضعيفة ووجوهنا المنعمة؟
لنغتنم صيفنا بالطاعات، ولنستزد فيه من الحسنات، فالأجر يعظُم مع
حذار حذار أن تُقعدنا عن المبادرة إلى الخير، نفوسٌ تعاف الحرَّ، وتحبُ الراحة، فنندم يوم لا ينفع الندم
لقد تناغمت أجزاء الكون كلها في منظومة واحدة، تُعلن الوحدانية لمن خلقها، تدين بالطاعة لمن فطرها، تسبح ربها، فلماذا تلكأ الإنسان عن الاستجابة؟! لماذا يخالف الكونَ كلَّه ويتمرد وهو المخلوق الضعيف، فيعصي العظيم الجليل سبحانه، يتجرأ على ربه، وهو ذرة صغيرة في هذا الملكوت الطائع؟! ليتنا نلبي طائعين منيبين مخبتين، ليتنا نَقدُر الله حقَ قدره.
نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يثبتنا على دينه وأن يصرف قلوبنا الى طاعته وأن يختم لنا بالصالحات أعمالنا إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه .